بسم الله الرحمن الرحيم
مشارك في سلسلة كن إيجابي
الحمد
لله أحمده والتوفيق للحمد من نعمه وأشكره والشكر كفيل بالمزيد من فضله
وكرمه وأستغفره من الذنوب التي توجب زوال نعمه وحلول نقمه وأشهد ألا إله
إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
إله حكم فعدل
وأعطى فأجزل
واحد بلا عدد قائم بلا عمد
عز كل ذليل وقوة كل ضعيف وغنى كل فقير ومفزع كل ملهوف
من تكلم سمع نطقه ومن سكت علم سره ومن عاش فعليه رزقه ومن مات فإليه منقلبه
قال عز وجل: وَأَنذِرْهُمْ
يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ18/يَعْلَمُ خَائِنَةَ
الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ19/وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ
هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
وأشهد أن نبينا
محمدا عبده ورسوله سيرته خير سيرة وعترته خير عترة وشجرته خير شجرة نبتت في
حرم وبسقت في كرم هو الامي الذي علم المتعلمين واليتيم الذي بعث الأمل في
قلوب البائسين والهادي الذي قاد سفينة العالم الحائرة في خضم المحيط ومعترك
الأمواج إلى شاطئ الله رب العالمين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه الإمام مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم المؤمِن ما عند الله من العقوبة ما طمِع في جنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب
فعطية الإيمان هي أغلى العطايا،
ومن سُلبها فلا تنفعه الدنيا بما فيها من زخارفها ولذاتها وشهاواتها، كلها
شر وبال عليه، قال بعض السلف حاكيا هذه الحال من وجد الله فماذا فقد؟!!
ومن فقد الله فماذا وجد
اي والله صدق، إنك إن وجدت الله ابتداء في تضرعك ومناجاتك وأنست بذكره وطاب قلبك بشكره، فتلك الجنة..جنة الدنيا في حد ذاتها!
ولكن
إن استوحشت من الله، وأنست بالبشر وغاب عنك ذكر رب البشر، فأي بلية هي
بليتك وأي مصاب هو مصابك، إنه لعمر الله المصاب الجلل! قال ابن القيم رحمه
الله: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب
إن نعمة الإيمان والإسلام هي أغلى ما امتن الله به على عبيدها، وليس يستغني عنها من الخلق أحد مهما كان عنده من النعم،
فلكل نعمة عوض وبديل...إلا الله وآياته وذكره فلا بديل له..
من كل شيءٍ إذا ضيّعته عوض ...وما من الدين إن ضيعت من عوض
وفي الباب حديث عظيم رقراق رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى
بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال
يا بن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى
بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا
بن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس
قط ولا رأيت شدة قط
من هنا قال بعض السلف:" يا بني! ما خير بعده النار بخير, وما شر بعده الجنة بشر, وكل نعيم دون الجنة محقور, وكل بلاء دون النار عافية"
أقول كلامي هذا بين يدي ذكري لنعمة البصر، وذلك حتى نعطي كل شيء حقه، ونقدر كل نعمة بقدرها، فلا نتعجل لذة فانية، ولا نتنكب سبيل جنة عالية
إن العاقل اللبيب، الذي يعلم أن أغلى النعم التي امتن الله بها عليه هي نعمة الدين، نعمة الذكر، نعمة الأنس بالله،
ليعلم علم يقين أن سائر النعم سواها ماهي إلا وسائل أتاحها الله عز وجل
لعباده ليؤدوا الغاية العظمى والسبيل الأرشد، ألا وهو عبادة الله تعالى،
قال عزوجل: (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والانسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) قال ابن
عباس معنى يعبدون يُوحِّدُون
فالأصل لخلق الجن والانس جميعهم هو
تحقيقهم توحيد الله عز وجل وما يقتضي ذلك، والخلق يشمل تدبير الأمور
والاكرام بشتى النعم قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن
شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)
وقال تعالى:
(يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ
مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ21الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ
فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ
بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ
أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)
قال ابن كثير: (الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة)
فمما تقدم يتبين لنا أن النعمة إن لم نستخدمها في تحقيق هذا المقصد الأعظم فهي فتنة، قال تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
وقال تعالى: (أَيَحْسِبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ(55)نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ)
***************************************************
وسيتكون بحثي هذا من العناصر التالية:
أولا:
نعمة البصر ما جاء فيها من الآثار القرآنية، وما تفسير علماء الطب للبصر
والرؤية (لتعظيمها في النفوس ومعرفة قدرها وأن لكل إنسان مبصر وقفة أمام
الله عز وجل يسأله فيها عن تلك العينين ما أبصر بهما)
ثانيا غض البصر، ماهو؟ ماذا يترتب عليه؟ ما الوسائل المعينة على غض البصر؟
وفيه تناولت أحكام النظر
وملخص الوسائل، أولا إقامة أركان العبودية الثلاثة في القلب، فهي أول معين على غض البصر
ثانيا احتساب ما ورد في غض البصر من آثار ربانية
ثالثا سد الذرائغ
وأخيرا تناولت خاتمة وهي في هيئة الوصايا
فأسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بهذا الكلام وأن يوفقنا لطاعته إن ولي ذلك والقادر عليه