كل بني آدم خطاء
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد:
لقد
علمت أخي القارئ من خلال الهمسة السابقة أنّ أخوة المؤمنين كنـز ثمين...
بل هم كنفس واحدة وجسد واحد، فتراهم في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل
الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما
أخبر بذلك رسول الهدى صلى الله عليه وسلم..
لكنّ الذي يدمي
صفحة القلب، أنّ الآصرة الدينية والرابطة الإيمانية، قد تعرضت في المدّة
الأخيرة لضربات موجعة، كادت تؤدي بالأخوة إلى التلاشي والاضمحلال لولا أنّ
الله سلّم..
فإن كنت - أخي في الله - ممن يعظم شأن الإخاء، ويخشى من
انقلاب الألفة إلى عداء، وتشرئب عنقه لمعرفة أسباب هذا الداء ودوافع ذاك
البلاء، فدونَك هذه النصائح.. تمسّك بها وعضّ عليها بالنواجذ:
1-
إذا ظهر لك من أخيك خطأ أو تقصير، فعليك بستر العيب، والنصيحة بظهر الغيب،
واحذر الفضيحة وإيّاك والشّماتة، وضَعْ نصب عينيك قول من قال:
مـن ذا الذي مـا سـاء قـطْ ومـن لـه الحسـنى فقـط ؟
وخير من ذلك قول الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلم:"كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".. وليكن شعارك دوما: ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))[الأعراف:من الآية151].
2-
كن حريصا على أن تفرح لفرح أخيك وتحزن لحزنه. وأسوتك في ذلك سلف هذه
الأمّة الأماجد، فقد كان الواحد فيهم إذا رأى أخاه يبكي بادر فبكى لبكائه
ثم يسأله بعدُ عن سبب البكاء.. ولله درّ سعيد ابن العاص رحمه الله إذ قال: إنّي لأكره أن يمرّ الذّباب بجليسي مخافة أن يؤذيه.
الله
أكبر.. إنّها الأخوّة في أسمى معانيها.. وأرقى صورها وأبهى حللها... هؤلاء
عرفوا للأخوة قدرها فسلكوا سبيلها، وطبقوا قول من قال:
إنّ أخـاك الصّدق من كان معك ومن يضـرّ نفسـه لينفـعـك
ومـن إذا ريب الزمان صدعـك شتّت فـيك شـمـله ليجمعك
فليت شعري.. أين نحن من هذا الكنـز الثمين ؟ وخاصّة في زمان قلّ فيه الأمين، وعزّ فيه المعين، فإلى الله نشكو، وبه نستعين.