تم بناء أولى الأجزاء من السور أثناء عهد حكام "تركيو صبحيو-تشانغو" كان البناء الجديد يسمح لهم بحماية مملكتهم من هجمات الشعوب الشمالية(التركية: من ترك ومنغول وتونغوز=منشوريين)، وبالأخص "شييونغنو=هيونغ-نو =الهون"، إحدى القبائل من شعب الهون التركي (راجع: أتيلا). قام أحد حكام أسرة "تشين"، وهو "شي هوانغدي" ببناء أغلب أجزاء السور، كان هو أيضا يخشى الحملات التي كانت تشن من قبل قبائل بدوية من السهوب الشمالية.
بعد توحيد الصين من قبل "تشين شي هوانغ" (221 ق.م) تسارعت وتيرة بناء السور، انتهت الأعمال سنة 204 ق.م، بعد أن شارك فيها أكثر من 300,000 شخص. واصلت أسرات "هان" (206 ق.م) ثم "سوي" (589-618 م) أعمال البناء. ساهمت أسرة "منغ" (1368-1644 م) في مد السور وتدعيمه، كما تم استبدال الأجزاء التي بنيت بالطين، ببناءات من الطوب. بلغ البناء طوله النهائي (6,700 كلم) وامتد بموازاة الأنهر المجاورة وتشكلت انحناءاته مع تضاريس الجبال والتلال التي يجتازها. أضيف سور الصين العظيم إلى قائمة التراث العالمي التي حددتها اليونسكو عام 1987.
بناء الصور
تم بناء السور من الطين والحجارة، غطي جانبه الشرقي بالطوب. يبلغ عرضه 4.6 متر إلى 9.1 مترا في قاعدته (بمعدل 6 أمتار)، يصبح ضيقا في أعلاه (3.7 م). يتراوح طوله بين 3 و8 أمتار. وضعت أبراج للحراسة يبلغ طولها الإجمالي 12 مترا كل 200 متر تقريبا. تعتبر الجهة الشرقية من السور والتي تمتد على بضعة مئات من الكيلومترات أحسن الأجزاء المحفوظة، بينما لم تتبقى من الأجزاء الأخرى غير آثار بسيطة.
رغم كل الجهود التي بذلها الحكام الصينيون لإنهاء بناءه، لم يقم السور بمهمته المطلوبة في الدفاع عن البلاد ضد هجمات الشعوب البدوية (البرابرة). وحدها الغزوات التي قام بها أباطرة ملوك "تشنغ"، والذين كانوا ينحدرون بدورهم من أحد هذه الشعوب، سمحت للبلاد بالتخلص من هذه التهديدات.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مصادر بناء سور [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] العظيم و المواد المستخدمة في بناءه :
كانت معظم المواد المستخدمة في بناء السور تجلب من الصين نفسها, وأهم معظم المواد الخشب والقرميد والحجارة والتربة، وقد استخدمت الحجارة على الجبال الشاهقة بينما استخدمت التربة في السهول، أما في المناطق الصحراوية فقد بنيت الأسوار بالقصب وأغصان الأشجار المبطنة بالرمال. وسور الصين في الوقت الحالي لم يعد ينفع لصد الهجوم لأن هجوم الأعداء يكون بالطائرات، ولكنه يعتبر أثراً سياحياً يذهب إليه الناس من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بمنظره وتأمل قوة القدماء.
أهمية سور الصين العظيم
يعتبر السور العظيم هدية رائعة من أيدى الكادحين الصينيين القدماء . ولقد ظل مشروعا ضخما هاما للحكومة المركزية الامبراطورية خلال أكثر من ألف سنة منذ بدء بنائه من الإمبراطور تشين تشي هوانغ . وحسب السجلات التاريخية فإن الإمبراطور تشين تشي هوانغ قد سخر حوالي مليون عدد من مواطنيه لبناء سور الصين العظيم . وبالطبع لم تكن لديهم في ذلك الوقت أية آلات أو ماكنات لإستخدامها في العمل ، فالأعمال كلها بما فيها نقل الأحجار والصخور والأخشاب، كانت تتم كلها بالأيدي البشرية . كان السائح الأمريكي جيمس زار سور الصين العظيم قبل إفتتاح أولمبياد بكين، وكان معجبا بمشاهده الرائعة، حيث قال لمراسلنا متأثرا :
"إن سور الصين العظيم من ضمن العجائب العالمية السبع الجديدة ، يمثل شرفا كبيرا للصين ، إنه ليس من الآثار الصينية االرائعة فحسب، بل هو يجذب كثيرا من الزوار من كل أنحاء العالم لمشاهدة عظمته وجماله ."
إحتل سور الصين العظيم المركز الأول في قائمة العجائب العالمية السبع الجديدة بعد الإختيارات على مستوى العالم التي تمت في البرتغال في ال8 من يوليو عام 2007 . كان المواطنون الصينيون يفتخرون بهذه النتيجة معتقدين أنه ليس أثرا تاريخيا قيما للأمة الصينية فحسب، بل هو كنز نفيس من الكنوز التاريخية والثقافية البارعة لكل البشر. السيد دونغ ياو نائب رئيس جمعية الدراسات الصينية لسور الصين العظيم، أعرب عن سروره البالغ لهذه النتيجة ، مضيفا أن ذلك يعكس المكانة الهامة العظيمة لسور الصين داخل قلوب شعوب العالم . وإن مشاركة الصين في مثل هذه الإختيارات والاستقصاءات أمر ذو مغزى كبير، فذلك يمثل نشرا إعلاميا واسعا لتعريف العالم بالصين وبالثقافة الصينية العريقة. لكنه في الوقت نفسه ، عبر عن قلقه أيضا للتراخي في حماية السور العظيم الذي يواجه الإهمال والعبث البشري والتدمير الطبيعي مع مرور الأيام.
لقد أدركت الحكومة الصينية في ذلك، وقامت خلال السنوات الأخيرة بتعزيز قوة الحماية والترميم للسور العظيم وتوعية الجماهير بأهمية حماية الآثار والمحافظة عليها . والآن، بدأ معظم الزوار والسياح الذين يزورون السور العظيم ، بدأوا يهتمون بحماية هذا الأثر التاريخي وعدم الإضرار به وتنظيف البيئة المحيطة به خلال زيارتهم. كما يوجد الكثير من المتطوعين الذين يشاركون في حماية البيئة والحفاظ على الآثار في المواقع المختلفة بسور الصين العظيم . قال أحدهم لمراسلنا :
" نتجول دائما في مواقع سور الصين العظيم لجمع تلك المهملات التي يتركها بعض الزائرين . نعمل ذلك من أجل تجميل السور القديم وحتى تكون أفعالنا هذه أمثلة واضحة لأولئك السياح الذين يتركون المهملات بصورة عشوائية. لأن تنظيف البيئة وحماية الآثار واجب لكل مواطن صيني . "
أعلنت الصين قبل نهاية عام 2006 (( لوائح إدارة وحماية سور الصين العظيم )) وقد وضعت فيها إجراءات دقيقة وصارمة لحماية سور الصين العظيم . قال السيد تشانغ جي مساعد سكرتير جمعية الدراسات الصينية لسور الصين العظيم للمراسل :
" قامت مصلحة الدولة للآثار مؤخرا بقياس جديد لطول سور الصين العظيم كله بغية معرفة أحواله الواقعية بدقة ، وهذا من أجل تعزيز حمايته . وبفضل السياسات الحكومية والإجراءات الملموسة التي تقوم بها من مصلحة الدولة للآثار كان لا بد أن يكون سور الصين العظيم محميا على خير وجه ."
إن أجزاء السور العظيمة على جبل با دا لينغ وممر جو يونيغ قوان في ضواحي مدينة بكين، هي من أفضل الأجزاء المحمية بشكل جيد ، وهي من المواقع السياحية الساخنة في بكين وفي كل البلاد التي تستقبل السياح الأجانب دائما . ويلعب سور الصين العظيم في القرن الجديد أكبر دور ، إنه ليس مشروعا دفاعيا عسكريا قديما يندر مثيله في التاريخ المعماري الصيني فحسب، بل هو رمز لحضارة الأمة الصينية البارعة . وأضاف السيد دونغ ياو لمراسلنا قائلا :
" يلعب سور الصين العظيم دورا هاما من الناحيتين الروحية والمادية ، ومن الناحية الروحية، فإننا نفتخر بهذا السور العظيم كرمز لحضارة الأمة الصينية ، وذلك يشرفنا كثيرا . كما أنه يمثل بطاقة شخصية أخرى للصين تشجعنا دائما على تنشيط روح الأمة وإنعاش الوطن. ومن الناحية المادية، فهو إبداع بشري بارز ورمز لحضارات كل البشر، إنه يستقبل كل سنة أكثر من عشرة ملايين سائح صيني وأجنبي . وبصفته مزارا عالميا ساخنا، فإنه يدفع تنمية السياحة والاقتصاد المحلي، ويساعد على ربط عرى الصداقة بين الصين وشعوب الدول المختلفة ."
واليوم ، جاءت النار الأولمبية المقدسة إلى أرض الصين الواسعة، وتتوهج تحت سفح سور الصين العظيم ، مصورة بعد مرور أكثر من مائة سنة على توهجها منذ إشعالها في أثينا اليونانية. وكلنا أمنيات أن يتسع وهج هذه النار المقدسة لتغطي بنورها كل أنحاء الصين والعالم ، ولتعمم الصداقة والحب والإخاء والسلام . وأخيرا ، نتمنى نجاح أولمبياد بكين ولإحراز الرياضيين أفضل نتائج في المنافسات المختلفة .