أعود ..
مرة أخرى إلى البحر
ساعة الغروب .. أعود
عندما تحنق السماء
و تتوارى الشمس على إستحياء
يشتعل الماء
تنادي أمواجه من بعيد
هل من مزيد ...
ترتمي، تتوسل عند قدمي
و تموت
عطشى تريد المزيد
من أشلاء الكبرياء
من الدموع.. الدماء
تسكبها العهود إذ تعود
على وجه البحر
حينها طاب اللقاء
بين الجود و الحرمان
الحنين و النسيان
بين الأرق و الأحلام
لذة الحياة و الشوق إلى الموت
هاهو ذا الصوت
يلوح في أفق الزمان
يعود لينقر العروق
و يعزف الأحزان
فتتراقص الطيور فوق لهيب البحر
يا بحر ..
يا بحر ألا تجف ..
ألا تغور
فأعلم أين تذهب الشمس
فإن العيون بالأمس
غابت هناك و لم تشرق
و ظلت نار الأمر تحرق
و تحترق
حتى غدت جذوة الهشيم
تذوب يشربها النسيم
نسيم البحر
لا يا بحر...
لا تسوّد بعد
فإني أخاف الظلام
بنهم يبتلع الأيام
و ما زالت الكلمة هنا
سجينة السطور
غريقة في البحور
جبانة تسترق السمع
هل من صدى ؟
و كيف الصدى
إذ لا ينطق الرّدى
و لا تجيب الأصنام
و قد أشفق الكلام عن حمل الأمانة
فحملتها العيون و ما نالت
سوى أليم البصر
و حوار القمر
و الغرق بين ثنايا البحر
كفى يا بحر ..
كفى و انزع عنك قناع الرهبة
فقد انتهت اللعبة
و انتصرت أنت ..
على خرافة الإنسان
طوال الزمان
انتصرت أنت
و كان هو إليك يعود
و ها أنا سأعود
بنفسي سأعود
فقد مللت الوعود.