حالة الإحباط وخيبة الأمل التي عبر عنها مسؤولو المنتخب واللاعبون والإعلام، نتيجة تواضع الحضور الجماهيري، في مباراتي سريلانكا، حالة ليست بالجديدة أو المفاجئة، فهي تتكرر مع كل مباراة ودية للمنتخب، وأيضاً في كثير من المباريات الرسمية، أمام الفرق المتواضعة، أو تلك التي تلعب بعد تضاؤل فرص المنافسة أو انعدامها.
هذا حالنا منذ سنوات عدة نبحث عن الجمهور في مباريات لن يحضرها، لأن عدم حضورها جزء من ثقافته، والدعوة للحضور أو الانتقاد لعدم التواجد لن يغير من الأمر شيئاً!.
أشهر وأبسط تعريف للثقافة، هو أنها أسلوب حياة، وبنظرة واقعية لأسلوب تعاطينا كشارع كروي، مع مفردات ومكونات كرة القدم لن نجد عاملاً مؤثراً ومهيمناً على هذا التعاطي أكثر من الإثارة، هذه هي الثقافة السائدة فالغالبية حالياً، إن لم يكن الجميع يرددون أن الدوري انتهى ولا قيمة لمتابعته، بعد انفراد المتصدر لانعدام الإثارة.
وفي الإعلام هناك قناعة كاملة بأن البرنامج لا يستقطب المشاهدين إلا بالإثارة و”الكركترات” المثيرة، وكل نقد إذا لم يكن مثيراً وينتقص من عمل وكفاءة الآخرين فهو ليس نقداً. فالإثارة أصبحت مكوناً رئيسياً من ثقافة الشارع الكروي، ومن يطالب الجمهور بأن يحتشد بالآلاف في مباراة أمام سريلانكا يحتاج إلى سنوات طويلة ليعلي من شأن عوامل أخرى كالاستمتاع بمشاهدة كرة القدم مثلاً.
من المكونات الرئيسية لثقافة جمهورنا، هو أن سبب وجوده في أي ملعب، هو مساعدة الفريق على تحقيق الفوز، فإن كان هذا الفوز سيتحقق بدون الحاجة إلى “اللاعب الثاني عشر”، فليس هناك موجب لتواجدهم في الملعب؟ ولعلنا نلاحظ بأن كلمة متفرجين تكاد لا تذكر أمام طغيان لفظتي مشجعين وجماهير. فما كنا نأمله من إبداء الجماهير تقديرها لإنجازات لاعبي الأولمبي وحبها لهم، وحضورها للمباراة للاستمتاع والفرجة لم يكتسب بعد في ثقافة جماهيرنا.
هناك عنصر أصيل في ثقافة المشجع الإماراتي كان له دائماً التأثير الأقوى والأهم، وهو حبه لوطنه والتوق الشديد لإعلاء رايته، وهذا ما جعل الجمهور الإماراتي يسطر ملاحم يشهد له فيها التاريخ، ولا تبارح الذاكرة، وهذا المكون الأصيل دائماً ما يكون المؤثر الأول في كثافة الحضور الجماهيري، وهو لا يصل مداه، ولا يبلغ أقصى تأثيره، إلا مع تعاظم التحدي واقتراب الإنجاز، ولهذا فالآلاف قادمة بدون شك لتملأ الاستاد الذي سيخوض عليه الأولمبي تحدياته الكبرى في الطريق إلى لندن وقد لا يستوعبها أي ستاد إن اقترب الإنجاز، و”خليجي 18” خير وأقرب شاهد.
عندما يتعلق الأمر بحضور مباراة للمنتخب علينا التفريق بين الدافع الرياضي والدافع الوطني، مما يوجب التفريق بين المباراة الودية والرسمية وبين الحاسمة والعادية، وعلينا الاعتراف بأن الدافع الوطني هو العنصر المؤثر، وإن الدافع الرياضي لدينا ضعيف جداً، فنظامنا الكروي تنظيمياً وإعلامياً، لم يتمكن من صناعة جمهور يذهب لملعب مدينته أسبوعياً، فالمستوى الفني لا يصل للإمتاع، والجدولة لا تسمح بالتعود المنظم والشاشات جاذبة والمدرجات طاردة، وسيبقى الوضع على ما هو عليه إلى أن يتطور النظام الكروي ويؤثر التغير فيه على المتفرج.